وتغيبت جماعة حزب الله اللبنانية وسياسيون مسيحيون حلفاء لها عن جلسة الحكومة اللبنانية أول أمس الخميس؛ حيث قالت وسائل إعلام تابعة لحزب الله والتيار الوطني الحر بزعامة السياسي المسيحي ميشال عون الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله إن سلام أبلغ بالقرار لكنها لم تعلن على الفور سببًا للمقاطعة.

ويتوقع أن يشهد اليوم السبت 29 أغسطس 2015 أكبر تظاهرة في بيروت؛ حيث يتوافد اللبنانيون بأعداد كبيرة اليوم على ساحة الشهداء، وسط العاصمة، في ظل الحملات الكثيرة التي دعت إلى التظاهر وهي: "طلعت ريحتكم"، و"حلوا عنا"، و"بدنا نحاسب"، و"عالشارع"، و"الشعب يريد"، و"شباب 22 آب"، و"قرفانين" و"بدنا".

وتشهد جميع الحملات التي نظمتها القوى مطالبة بمعالجة أزمة النفايات ويصل سقفها إلى إسقاط النظام، وسط توقعات أن يكون حجم التظاهرة أضعاف المرات السابقة، التي حشدت في إحداها نحو عشرة آلاف شخص.

وكانت "طلعت ريحتكم" هي الحملة الأم للتحرك، ودعت أمس الجمعة جميع اللبنانيين إلى المشاركة في مسيرة في تمام الخامسة مساء أمام وزارة الداخلية، وصولاً إلى ساحة الشهداء في بيروت، كما طالبت باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، وبمحاسبة كل من أطلق النار على المتظاهرين بمن فيهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، وتحرير أموال البلديات، وإجراء انتخابات نيابية.

وبدأ المتظاهرون منذ مساء أمس الجمعة التوافد على ساحة الشهداء، حيث عمد شبان إلى نصب الخيام في الساحة، فضلاً عن تحويل قنوات تلفزيونية الساحة إلى استديو لبرامجها.

فيما نشبت مشادات بين أنصار حزب الله وقناة LBCI، بعدما هاجمت مجموعة من الشبان فريق النقل المباشر للقناة بسبب وضع صورة للأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، مع صور السياسيين والزعماء المطالبين بالرحيل، فانقطع البث لتهدئة الوضع ليعود مجددًا بعد إزالة الصورة حتى لا تتجه الأمور إلى التصعيد.

ويذكر أنه منذ إعلان حملة "طلعت ريحتكم" يسعى حزب الله جاهداً أن يحصل على أكبر المكاسب من تلك التظاهرات، مستغلًّا حالة الفوضى التي أعقبت التظاهرات.

وعمل مسئولي الحزب من البداية، على أن تستمر الاحتجاجات لأكثر وقت ممكن وذلك وفق ما جاء في العرب اللندنية، وأن ترفع شعارات أكثر سقفًا من المطالبة بحل أزمة النفايات التي بدأت بها، وأن الغرض هو إحداث فراغ دستوري يسمح به بتنفيذ خطه الحزب في تغيير النظام.

وقام الحزب باستغلال التظاهرات ليركب الموجه ويظهر في الساحة اللبنانية مجددًا، ويشغل جمهوره بقضية جديدة.

من جانبها كشفت مصادر سياسية لبنانية أن ما يشهده وسط بيروت من تظاهرات بدأت تحت شعار الاعتراض على أزمة النفايات التي تجتاح البلد، تحوّل إلى محاولة انقلابية يقودها حزب الله، بحسب ما نشرته صحيفة العرب اللندنية.

ويسعى "حزب الله" إلى إسقاط حكومة الرئيس تمام سلام لإحداث فوضي في البلاد وبالأخص في ظل الفراغ الرئاسي للبلاد.

كما يسعى حزب الله إلى الإبقاء على نفوذه في لبنان بعد خسائره في سوريا، فضلا عن تعيين ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر والحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، رئيسا للحكومة، كذلك يسعى لتمرير ملف تعيينات القيادات الأمنية منها الجيش.

واستطاع حزب الله أن يضع سُلَّمًا للوصول إلى تحقيق أغراضه في لبنان على التظاهرات وتحويلها إلى صدامات مع قوات الأمن التي تحمي السراي الكبير الذي هو مقر رئاسة مجلس الوزراء.

واعتبر رئيس الحكومة تمام سلام، أن المشكلة ليست في أزمة النفايات فحسب بل في الانقسام الذي يعطل اتخاذ القرارات على طاولة مجلس الوزراء في غياب ممارسة السلطة التشريعية لدورها في المساءلة.

وقد أكد وزير العدل اللبناني، أشرف ريفي، أن "مجموعات معروفة بعدم سلميتها، محسوبة على سرايا المقاومة التابعة لحزب الله، تعمل على اختراق التظاهرات التي نظمها المجتمع المدني ضد أزمة النفايات، وتحاول استغلالها وركوب موجتها".

ورأى مراقبون أن اندساس حزب الله في الحركة الاحتجاجية وتحريكه لحلفائه العونيين، في جزء منهما هو عملية تنفيس عن الحزب ومسئوليه الذين لم يعودوا قادرين على تبرير استمرار الحرب في سوريا والفاتورة الباهظة التي يدفعها ودون أي مؤشرات على وجود حل في القريب، وهو أيضًا عملية تنفيس إيرانية بعد انغلاق الآفاق في سوريا والعراق واليمن تريد من خلالها طهران الإيحاء بقدرتها على المناورة وتخفيف الضغوط عن حلفائها.

ولفت المراقبون إلى أن قيادات الحزب أرادت استثمار حملة "طلعت ريحتكم" للدفع في اتجاه ربيع لبناني على هوى الحزب يطيح بالتوازنات التي أسس لها اتفاق الطائف سنة 1989، الذي نجح في تحقيق توافق بين مختلف الطوائف لإنهاء الحرب الأهلية.

واجتمعت الحكومة في ظل توجه أنظار اللبنانيين إلى المظاهرة التي ستشهدها ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، اليوم السبت، والتي ستجمع جمعيات وناشطين من المجتمع المدني وفي مقدمها حملة طلعت ريحتكم وبدنا نحاسب والتي سيشارك فيها التيار الوطني الحر وأحزاب أخرى من المرجح أن يكون بينها حزب الله.

وقالت بعض التقارير: إن انعقاد جلسة الحكومة كانت مهمة نظراً للمواضيع الملحة والمستعجلة التي لا تحتمل التأخير وتتعلق بقضايا معيشية تخص الحياة اليومية للمواطنين.

وأشارت إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يحترم خيار وزراء العماد ميشال عون وحزب الله، ويضعه في إطار تمرير رزمة من المشاريع الضرورية وهذا ما ركز عليه الوزيران علي حسن خليل وغازي زعيتر.

وفي أعقاب انتهاء جلسة الحكومة سارع نبيه بري إلى الاتصال بسلام، مطالبًا منه التريث في الدعوة إلى الجلسة المقبلة في انتظار متابعة الاتصالات لإعادة التئام الحكومة.  

وتعاني قوى "8 آذار" من الانقسام، فالرئيس نبيه بري يحاول الحفاظ على الحكومة الحالية وإيجاد المخارج للأزمة من دون أن يطعن بحليفه "حزب الله" الذي بات مجبراً على مسايرة حليفه الآخر "التيار الوطني الحر" الذي دعا للنزول إلى الشارع الجمعة المقبلة، في ظل محاولات سياسية لتهدئة الأمور وعودة العمل الحكومي.

من جانب آخر أكدت مصادر وزارية مطّلعة تواكب حركة الاتصالات الجارية على أكثر من مستوى أنّها تنتظر مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي انطلقَت من وقف نشرِ المراسيم وتجميدها، قُبَيل جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي وتمنّيه على رئيس الحكومة تمام سلام تجميدَ الدعوة إلى أيّ جلسة لمجلس الوزراء بعد الجلسة الأخيرة.

ويدرس بري بعناية هذه المبادرة، وهو يستقصي ردات الفعل عليها مسبَقاً، ولم يوفر طرَفاً لم يستشِره في مضمونها تاركاً له حرّية ما سيطلقه في خطابه.

ويرى خبراء أن مطلع الأسبوع المقبل سيشهد زخماً إضافياً في حركة المشاورات يمكن أن ينتج عنها صيغة تفاهم يسمح بإعادة لم شملِ الحكومة ولو أخذت هذه المشاورات وقتها .